2011/06/19

قمة المحبة والوفاء والعفو


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

صلى الله عليه وسلم

( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)

جيل لن يتكرر

أتى شابّان إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان في المجلس وهما يقودان رجلاً من البادية فأوقفوه أمامه

‏قال عمر: ما هذا

‏قالوا : يا أمير المؤمنين ، هذا قتل أبانا

‏قال: أقتلت أباهم ؟‏ قال: نعم قتلته

‏قال : كيف قتلتَه ؟

‏قال : دخل بجمله في أرضي ، فزجرته، فلم ينزجر، فأرسلت عليه ‏حجراً، وقع على رأسه فمات...

‏قال عمر : القصاص .... ‏الإعدام.. قرار لم يكتب ... وحكم سديد لا

يحتاج مناقشة ، لم يسأل عمر عن أسرة هذا الرجل ، هل هو من قبيلة شريفة ؟ هل هو من أسرة قوية ؟‏ما مركزه في المجتمع ؟ كل هذا لا يهم عمر - رضي الله عنه - لأنه لا‏يحابي ‏أحداً في دين الله ، ولا يجامل أحدا ًعلى حساب شرع الله ، ولو كان ‏ابنه ‏القاتل ، لاقتص منه ..

‏قال الرجل : يا أمير المؤمنين : أسألك بالذي قامت به السماوات والأرض ‏أن تتركني ليلة، لأذهب إلى زوجتي وأطفالي في البادية ، فأُخبِرُهم ‏بأنك‏سوف تقتلني ، ثم أعود إليك ، والله ليس لهم عائل إلا الله ثم أنا

قال عمر : من يكفلك

أن تذهب إلى البادية ، ثم تعود إليَّ؟

‏فسكت الناس جميعا ً، إنهم لا يعرفون اسمه ، ولا خيمته ، ولا داره ‏ولا قبيلته ولا منزله ، فكيف يكفلونه ، وهي كفالة ليست على عشرة دنانير، ولا على ‏أرض ، ولا على ناقة ، إنها كفالة على الرقبة أن تُقطع بالسيف ..

‏ومن يعترض على عمر في تطبيق شرع الله ؟ ومن يشفع عنده ؟ومن ‏يمكن أن يُفكر في وساطة لديه ؟ فسكت الصحابة ، وعمر مُتأثر ، لأنه وقع في حيرة ، هل يُقدم فيقتل هذا الرجل ، وأطفاله يموتون جوعاً هناك أو يتركه فيذهب بلا كفالة ، فيضيع دم المقتول ، وسكت الناس ، ونكّس عمر‏رأسه ، والتفت إلى الشابين : أتعفوان عنه ؟

‏قالا : لا ، من قتل أبانا لا بد أن يُقتل يا أمير المؤمنين..

‏قال عمر : من يكفل هذا أيها الناس ؟!!

‏فقام أبو ذر الغفاريّ بشيبته

وزهده ، وصدقه ،وقال: ‏يا أمير المؤمنين ، أنا أكفله

‏قال عمر : هو قَتْل ، قال : ولو كان قاتلا!

‏قال: أتعرفه ؟

‏قال: ما أعرفه ، قال : كيف تكفله؟

‏قال: رأيت فيه سِمات المؤمنين ، فعلمت أنه لا يكذب ، وسيأتي إن شاء‏الله

‏قال عمر : يا أبا ذرّ ، أتظن أنه لو تأخر بعد ثلاث أني تاركك!

‏قال: الله المستعان يا أمير

المؤمنين ...

‏فذهب الرجل ، وأعطاه عمر ثلاث ليال ٍ، يُهيئ فيها نفسه، ويُودع‏أطفاله وأهله ، وينظر في أمرهم بعده ،ثم يأتي ، ليقتص منه لأنه قتل ....

‏وبعد ثلاث ليالٍ لم ينس عمر الموعد ، يَعُدّ الأيام عداً ، وفي العصر‏نادى ‏في المدينة : الصلاة جامعة ، فجاء الشابان ، واجتمع الناس ، وأتى أبو ‏ذر‏وجلس أمام عمر ، قال عمر: أين الرجل ؟ قال : ما أدري يا أمير المؤمنين!

‏وتلفَّت أبو ذر إلى الشمس ، وكأنها تمر سريعة على غير عادتها، وسكت‏الصحابة واجمين ، عليهم من التأثر مالا يعلمه إلا الله.

‏صحيح أن أبا ذرّ يسكن في قلب عمر، وأنه يقطع له من جسمه إذا أراد‏لكن هذه شريعة ، لكن هذا منهج ، لكن هذه أحكام ربانية ، لا يلعب بها ‏اللاعبون ‏ولا تدخل في الأدراج لتُناقش صلاحيتها ، ولا تنفذ في ظروف دون ظروف ‏وعلى أناس دون أناس ، وفي مكان دون مكان...

‏وقبل الغروب بلحظات ، وإذا بالرجل يأتي ، فكبّر عمر ،وكبّر المسلمون‏ معه

‏فقال عمر : أيها الرجل أما إنك لو بقيت في باديتك ، ما شعرنا بك ‏وما عرفنا مكانك !!

‏قال: يا أمير المؤمنين ، والله ما عليَّ منك ولكن عليَّ من الذي يعلم السرَّ وأخفى !! ها أنا يا أمير المؤمنين ، تركت أطفالي كفراخ‏ الطير لا ماء ولا شجر في البادية ،وجئتُ لأُقتل..

وخشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس

فسأل عمر بن الخطاب أبو ذر لماذا ضمنته؟؟؟

فقال أبو ذر :

خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس

‏فوقف عمر وقال للشابين : ماذا تريان؟

‏قالا وهما يبكيان : عفونا عنه يا أمير المؤمنين لصدقه..

وقالوا نخشى أن يقال لقد ذهب العفو من الناس !

‏قال عمر : الله أكبر ، ودموعه تسيل على لحيته ..... ‏جزاكما الله خيراً أيها الشابان على عفوكما ، وجزاك الله خيراً يا أبا ‏ذرّ‏يوم فرّجت عن هذا الرجل كربته، وجزاك الله خيراً أيها الرجل‏لصدقك ووفائك ... ‏وجزاك الله خيراً يا أمير المؤمنين لعدلك و رحمتك....

‏قال أحد المحدثين :

والذي نفسي بيده ، لقد دُفِنت سعادة الإيمان ‏والإسلام في أكفان عمر!!.




هناك 18 تعليقًا:

  1. قصة أكثر من رائعة تحياتي الصادقة

    ردحذف
  2. يسلمو على المرور الطيب
    يسعدني متابعتك لي غاليتي ^_^

    ردحذف
  3. مساؤك عطر وهنا وسعادة غاليتى

    كم اسعدنى تواجدى هنا بين كلماتك الجميله هذا المساء

    وكم يشرفنى متابعة مدونتك الراقية

    تقبلى تواجدى ومودتى اخيتى

    ردحذف
  4. السلام عليكم

    ياا الله ما أجملها من قصة و ما أروعها من عبــرة..

    جزاكِ الله خيرا...يسلم ذوقك

    تحياتي

    لينا.

    ردحذف
  5. السلام عليكم
    ماشاء الله قصه رائعه
    تسلمييين غاليتي

    ردحذف
  6. مساؤك فل وورد وياسمين
    بسمة الورد
    جزاك الله خير
    يشرفني انضمامك لي
    وتعليق المتميز
    تحياتي ..

    ردحذف
  7. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    واياك يارب
    يسعدني تواجدك بمدونتي المتواضعة
    دمتي بخير ..

    ردحذف
  8. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    الله يسلمك عزيزتي
    يسعدني مرورك
    تحياتي ..

    ردحذف
  9. .
    .
    .
    رائعة فيما تطرحين

    ردحذف
  10. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    جزاك الله خيرا .... قصة رائعة

    شكرا عالدعوة و اهنئك على المدونة الرائعة و الراقية جدا ... اتمنى لك التوفيق غاليتي

    مودتي♥

    ردحذف
  11. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    واياكي اختي
    آمين الجميع
    تسلمي لي على التعليق الراقي حبيبتي
    تحياتي ..

    ردحذف
  12. السلام عليكم

    بارك الله فيك اختاه هذه القصة احبها كثيرا

    بوركت على الجهد الطيب
    بالتوفيق والـتالق الدائم غاليتى
    ارجو قراءة هذا الرابط :)

    http://lolocat-q.blogspot.com/2011/05/blog-post_11.html

    تحياتى لك وتقديرى

    ملاحظة /
    ارجو حذف اداة تأكيد التعليقات بذهابك لاعدادات المدونة وتعلمى على (لا ) فى خانة تاكيد التعليقات
    لانه مزعجة وتعوق التعليقات احيانا

    ردحذف
  13. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    اختي ام هريرة
    يسلمو عزيزتي
    بالفعل قصة مؤثرة
    بصراحة لم أقرأها عندك من قبل
    بالتوفيق للجميع
    مشكورة على الملاحظة
    وقد فعلت ما قلت عليه .
    تحياتي ..

    ردحذف
  14. رائعة جدا وجزاكم الله عنا خيرا

    دمتم بكل ود

    ردحذف
  15. واياك أخوي
    يسعدني تواجدك بالقرب
    من مدونتي المتواضعة
    تقديري واحترامي لك ..

    ردحذف
  16. ...

    الذوق الرفيع

    اسم على مسمى

    ما احلى الاسلام وما احلى سماحته

    رحمك الله ياعمر ..

    صدق وتضحيه وعفو هذه هي سمات الاسلام

    مسروره بتواجدي في عالمك =)

    ودي ^_^
    دنيا الخير

    ردحذف
  17. هلا هلا
    يشرفني ويسعدني متابعتك
    نعم صدقوا فصدق الله معهم
    تحياتي ومحبتي ..

    ردحذف

يسعدني رأيك ~ فلا تبخل عليّ